منتديات ابن الراعى

الله مع الضعفاء Urlhtt10


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ابن الراعى

الله مع الضعفاء Urlhtt10

منتديات ابن الراعى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    الله مع الضعفاء

    ابن الانبا توماس
    ابن الانبا توماس
    مشرف
    مشرف


    عدد المساهمات : 374
    نقاط : 51143
    تاريخ التسجيل : 09/03/2011
    الموقع : منتديات ابن الراعى

    متميز الله مع الضعفاء

    مُساهمة من طرف ابن الانبا توماس الخميس 17 مارس 2011 - 5:23

    الله مع الضعفاء 817651a833

    الله مع الضعفاء 9638d8175a




    الله مع الضعفاء

    أما الشخص الجبار العنيف القاسي الشديد ، يكون بعيداً عن رحمة الله . إلهنا هو إله الضعفاء . " اختار الله ضعفاء العالم ، ليخزى بهم الأقوياء " ( 1كو1 : 27 ) . القوي يعتمد على قوته . أما الضعيف فهو الذى يقف الله إلى جواره .

      

    حتى الأقوياء الذين اختارهم الله .

    كانوا يقفون أمامه كضعفاء . كل واحد منهم يقول له " ارحمني يا الله لأنى ضعيف " . خذوا مثلاً يرينا أهمية الشعور بالضعيف : إيليا النبى الجبار العنيف ، الذي قال تنزل نار من السماء وتأكل الخمسين ( 2مل1 : 10 ) . إيليا الذي أمسك أنبياء البعل والسواري أربع مائة وخمسين وذبحهم ( 1مل18 : 40 ) . وكأن الله يقول لإيليا : هذه الشدة من الجائز أن تتبعك يا ابني ... فماذا فعل الله : سمح أن إيزابل الملكة تهدد إيليا . فخاف إيليا وذهب إلى البرية . ولاقاه الله هناك . وقال له ما لم هنا يا إيليا ؟ فقال له في خوف : قتلوا أنبياءك بالسيف وبقيت أنا وحدي . وهم يريدون نفسي ليأخذوها ( 1مل19 : 14 ) .. أخيراً أمكن أن تخاف يا إيليا .. !!

      

    وحتى الجبابرة يسمح لهم الله أحياناً أن يخافوا أو يضعفوا ، لأنه يريد القلب المنسحق المتخشع ...

    الإنسان الذى يقف مسكيناً أمام الله ، هو الذي يستطيع أن يقف في قوة أمام الناس .. أما الذين يشعرون في أنفسهم أنهم جبابرة : فهؤلاء يبعد عنهم .

      

    هناك آيات عن هذا الموضوع في أشعياء النبى في الإصحاح الثاني . قال :

    " إن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع . وعلي كل أرز لبنان العالي ، وعلى كل بلوط باشان . وعلى كل الجبال العالية ، وعلى كل التلال المرتفعة . وعلى كل برج عال ، وعلى كل سور منيع ...

    فيخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس . ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " ( أش2 : 12 – 17 ) .

      

    الناس الجبابرة المعتزون بقوتهم ، والمعتزون بسلطاتهم ، والمعتزون بعنفهم .. يري كل منهم أنه يستطيع أن يضرب ، ويستطيع أن يذل غيره ـ ويستطيع أن يعاقب ويسيطر . يا خوف هذا الإنسان من هذه الآية التي تقول " إن لرب الجنود يوماً على كل متعظم وعال ، يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم " .. كلام له عمقه وله موسيقاه .. هذا الشخص العالي المتشامخ ، يجب أن ينسحق أمام الله ، ويقول له : ارحمني يارب فإني ضعيف ... قد تكون برجاً عالياً في وظيفتك . قد تكون أرز لبنان أمام الناس . ولكن ينبغى أن تتضع وتقول ارحمني يارب فإنى ضعيف . لأن الرب قادر أن يحق أرز لبنان ، وقادر أن يقطع بلوط باشان ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم...

      

    الواقع يا أخوتي ، إننا حينما نتتبع معاملات السيد المسيح للناس ، نجده حنوناً جداً ورقيقاً جداً على الضعفاء والمساكين ، ونجده شديداً في معامله العنفاء .

    لم يقف المسيح أبداً ضد إنسان مسكين . كان يجمع الضعفاء ويحتضنهم ويشفق عليهم .

      

    المرأة المضبوطة في ذات الفعل ، أنقذها وقال لها " . وأنا أيضاً لا أدينك . اذهبى ولا تخطئي أيضاً ( يو8 : 11 ) . يكفيها ما نالته من الذل والفضيحة . أما العنفاء الذين شهروا بها ، وجروها للحكم ، فإنه كتب لهم أخطاءهم علي الأرض . وقال لهم " من كان منكم بلا خطية ، فليرمها أولاً بحجر " ( يو8 : 7 ) . فبدءوا بخزي ينصرفون الواحد تلو الآخر . فلماذا انصرفوا في خزي ؟ لآن الرب نفذ نفس الآيه " يخفض تشامخ الإنسان ، وتضع رفعة الناس .. " فكأنه يقول لهم " اخفضوا رؤؤسكم بعض الشيء ، وكفى تشامخاً ، فأنتم أيضاً خطاه تحت الحكم .. ! كفي سعياً وراء رجم هذه المرأة أو غيرها .. فكل واحد منكم محتاج أن يقول : ارحمني يارب فإنى ضعيف ...

      

    إن كنت تريد أن يرحمك الله لأنك ضعيف ، ارحم الضعفاء .

    تقول له : ارحمني يارب فإنى ضعيف . فيجيبك : أين هو هذا الضعف : هل في هذا الانتفاخ والعظمة ضعف ؟! هل في هذا الجبروت ضعف ؟ .. حينما تكون ضعيفاً ، حينئذ سأرحمك .. هل يستطيع أحد أن يقول : ارحمني يارب أنا الجبار ! ارحمني يارب أنا البار ! كلا ، إن هذا الأسلوب لا ينفع في طلبك الرحمة من الله .

      

    تذلل داود أمام الله . وكأنه يقول :

    لست أنا الجبار الذي قتل جليات ، بل أنا الضعيف الذي قتلته الخطية مع بثشبع .

    وقتلت النقاوة التي فيه ، وإن كان الله فيما بعد قد أعاد له بهجة خلاصه .

      

    كان السيد المسيح رفيقاً بالخطاة والعشارين ، رفيقاً بتلك المرأة التي بللت قدميه بدموعها ، أكثر من الفريسي البار في عيني نفسه ، الذى أدانها في فكره . إن الله لم يوبخها علي خطية واحدة ، بل ذكر لها محبتها وانسحاقها ، وقال لها مغفورة لك خطاياك . أما ذلك الفريسى المتكبر فقد كشف له الرب أن تلك المرأة الخاطئة كانت أفضل منه ( لو7 : 36 – 48 ) . فلا داعي إذن للعجرفة ، وكان أولى به أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب ف أن يقول كما في المزمور " ارحمنى يارب فإنى ضعيف " . ولأنه لم يكن ضعيفاً وقتذاك ، لذلك وبخه الرب . وقال له : " دخلت بيتك ، وماء لرجلي لم تعط .. بقلة فمي ... بالزيت لم تدهن رأسي " .

    لم تقم بشئ من واجبات الضيافة والمحبة ،ن وكل عملك كان أن تدين في قلبك . لذلك ينبغي أن يخفض تشامخ الإنسان ، وتوضع رفعة الناس ، ويسمو الرب وحده " .

      

    وكان السيد المسيح رفيقاً بالعشار المعترف بخطيته الذي يطلب الرحمة لنفسه ،

    أكثر من ذلك الفريسى الذي وقف يفتخر بفضائله في صلواته ، فخرج العشار مبرراً دون ذلك الفريسى ( لو18 : 9 – 14 ) .

      

    وكان السيد المسيح أيضاً رفيقاً بالأمميين ، وبالسامرين ، وبالمولود أعمى الذي أخرجوا خارج المجمع ، فقابله وأظهر له ذاته ودعاه إلى الإيمان ( يو9 : 35 – 38 ) . أما العنفاء فإن الرب يتركهم إلى أن يتركوا عنفهم ، ويحاول أن يهديهم . لقد وبخ الكهنة والشيوخ ، وكذلك وبخهم علي شدتهم ، فقال لهم : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ، لأنكم تغفلون ملكوت السموات قدام الناس . فلا تدخلون أنتم ، ولا تجعلون الداخلين يدخلون " " أنكم تركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة والإيمان " ( مت23 : 13 ، 23 ) . ووبخهم أيضاً علي قسوتهم لأنهم قتلوا الأنبياء " ( مت23 : 31 ) . وبخهم كذلك " لأنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عثرة الحمل ويضعونها علي أكتاف الناس ، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم " ( مت23 : 4 ) .

      

    ولكن أليست هذه الوصايا الثقيلة ، هي وصاياك أنت يارب ؟

    يقول : كلا ، إن وصاياي ليست ثقيلة ( 1يو5 : 3 ) أنا " نيري هين وحملي خفيف " 0 مت11 : 30 ) . أنا لا أضع أحمالاً ثقيلة علي الناس . إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقولها لكم . ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا " ( يو16 : 12 ) . إذن لا داعي لها حالياً .

      

    وهكذا كان رسل الرب بنفس منهجه . حينما اجتمعوا معاً في مجمعهم بأورشليم من أجل قبول الأمم ، قالوا : " لا نثقل علي الراجعين إلى الله من الأمم . بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم " ( أع15 : 19 ، 20 ، 28 ) .وبولس الرسول الطيب الذي لا يريد أيضاً أن يثقل علي الناس ، قال " لم أستطيع أن أكلمكم كروحين ، بل كجسدين ، كأطفال في المسيح " سبقتكم لبناً لا طعاماً ، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون " ( 1كو3 : 1 ، 2 ) .

      

    لقد اختار الرب يعقوب الضعيف أكثر من عيسو العنيف . واختار يوسف الضعيف الذي تآمر أخوته عليه ، وباعوا كعبد .

    أختار يعقوب الذي كان يصرخ له ويقول " صغير أنا عن جميع ألطافك وعن جميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك .. نجني من يد أخي ، من عيسو ، لأنى خائف منه أن يأتى ، ويضربني الأم مع البنين " ( تك32 : 10 ، 11 ) . وهكذا قيل إن الله أحب يعقوب وأبغض عيسو ( رو9 : 13 ) . وقيل لأمه قبل أن يولدا أن الكبير يستعبد للصغير ( تك25 : 23 ) ( رو9 : 12 ) .

      

    وكان الرب مع يوسف الصغير ، الذي ألقاه أخوته فى البئر ثم باعوه للإسماعيليين ( تك37 : 20 ، 29 ) . يوسف الضعيف أمام مؤامرة إمراة فوطيفار ، الذي طرح في السجن ظلماً ( تك39 : 29 ، 20 ) ... يوسف هذا رفعه الرب ، وجعله أباً لفرعون ، وسيداً لكل بيته

    ، ومتسلطاً علي كل أرض مصر " ( تك45 : 8 ) . وهكذا نصره الله علي اخوته الضعفاء الذين باعوه ، وجعلهم يأتون ويسجدون أمامه ( تك43 : 26 ، 28 ) .

      

    ووقف الله مع موسى الضعيف .

    موسى الثقيل الفم واللسان ، وقف الله معه ضد فرعون الجبار ونصره عليه . موسى هذا الذي قال لله " أنا لست صاحب كلام منذ أمس ولا قبلاً من أمس " ( خر4 : 10 ) " من أنا حتى أذهب إلى فرعون ؟ " وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر ؟!

    ( خر3 : 11 ) ، كيف يسمعني فرعون ، وأنا أغلف الشفتين ؟! " ( خر6 : 12 ) . موسى هذا الحليم الوديع ، الذي قال عنه الكتاب " وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض " ( عد12 : 3 ) .

    موسى هذا ، قال له الله " جعلتك إلهاً لفرعون " ( خر7 : 1 ) . أي سيداً له . وقال له عن أخيه هارون " تكلمه وتضع الكلمات في فمه .. هو يكون لك فماً ، وأنت تكون له إلهاً " ( خر4 : 15 ، 16 ) . أي مصدر الوحي الذي يوحي إليه بما يقوله من كلام . بل كان الله مع موسى ضد أخويه هارون ومريم ، لما تقولا عليه بعد زواجه من المرأة الكوشية ، فدافع الرب عنه . وقال إنه " أمين علي كل بيتي . فماً إلى فم ، وعيناً أتكلم معه " ( عد12 : 7 ) . وضرب مريم بالبرص لأنها تقولت عليه ...

      

    من من الناس يستطيع أن يضع في كفتى ميزان : موسى الضعيف وفرعون العنيف ؟!

    ويقول من من هذين الإنثين يغلب ؟!

    فرعون في الخطوات الأولي استخدم سلطته وعنفه حسبما شاء ، وأذل الشعب ، حتى استاءوا من تدخل موسى لأجلهم . وفي كبرياء قال فرعون " من هو الرب حتى أسمع لقوله وأطلق إسرائيل ؟! لا أعرف الرب ، وإسرائيل لا أطلقه " ( خر5 : 2 ) . أما عن النهاية : موسى الهادئ الضعيف المسكين ، انتصر على جبروت فرعون .

      

    وهكذا الثلاثة فتية المساكين ، الذين حملوهم بكل عنف وألقوهم موثقين في النار .

    هؤلاء الصغار كان الرب معهم في النار ، وشعرة من رؤؤسهم لم تحترق ، ورائحة النار لم تأت عليهم . بينما لهيب النار المتقدة أحرق العنفاء الذين ألقوهم في النار ... ولما أخرجوهم قال نبوخذ نصر " تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو ، الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده " .. ورفع مركزهم في ولاية بابل ( دا3 : 28 ، 30 ) .

      

    وبالمثل أنقذ الرب دانيال الضعيف الذي ألقوه المتآمرون القساة في جب الأسود . أما الذين اشتكوا عليه ظلماً ، فقد أمر الملك داريوس أن " يطرحوهم فيجب الأسود هم وأولادهم ونساءهم . ولم يصلوا إلى أسفل الجب ، حتى بطشت بهم الأسود ، وسحقت كل عظامهم ( دا6 : 20 – 24 ) .

      

    كان الله أيضاً مع داود الفتي الضعيف ، حينما وقف جليات الرجل الجبار .

    هذا الجبار لما رأى داود ، احتقره وهزأ به ، وحسبه طفلاً . أما داود فكان يضع الحصاه في المقلاع ، وكل نقطة من دمه تصرخ إلى الله بعبارة : ارحمني يارب فإني ضعيف . وكان الله مع ضعفه ، ونصره علي جليات . لأن الحرب للرب كما قال داود ، وكما قال لجليات " أنا آتيك باسم رب الجنود . " " اليوم يحسبك الرب في يدي " ( 1صم17 : 45 – 47 ) .

      

    القديس الأنبا أنطونيوس الكبير يستخدم كلمة ( ضعيف ) .

    حينما كانت تهجم عليه الشياطين في البرية ، كان يقول لهم : أيها الأقوياء ، ماذا تريدون مني أنا الضعيف ؟ .. أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " . فلما كانوا يسعون هذه الصلوات المملوءة إتضاعاً ، كانوا ينقشعون مثل الدخان . أما في أعماقه فكانت عبارة " أرحمني يارب فإني ضعيف " .

      

    أنا يارب ضعيف أمامك .

    وضعيف أمام الشيطان ، الذي هو " مثل أسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو " ( 1بط5 : 8 ) . إنما قوتي بك . " قوتي وتسبحتي هو الرب ، وقد صار لي خلاصاً " ( مز118 : 14 ) . وأنا ضعيف أمام نفسى . لذلك أطلب دائماً معونتك . وأنا ضعيف أمام الناس ، أمام الأعزاء الذين طلبوا نفسى ، ولم يسبقوا أن يجعلوا أمامهم " ( مز54 : 2 ) . لذلك ارحمني يارب فإني ضعيف .

      

    إذن فليحترس كل واحد منكم يا أخوتي ، إن وجد نفسه في مركز قوة أو في حالة عنف . أو في موقف اعتداد بالذات كمن يقول : أنا سأعمل ، أنا سوف أودب . سوف ألقي عليهم درساً .

    احترس يا أخي ، إذا سلطان إلى يدك . احترس لنفسك ، واحترس من نفسك . ارفض استخدام القوة ، واستخدام السلطة ، واستخدام العنف . بل في صلاتك قل :

    ارحمني يارب فإني ضعيف . لا تدفع أحداً إلى يدي ، ولا تدفعني ليد أحد . قبل أن أقول : لا تعط لإنسان قوة يدوس بها علي ، أقول لا تعطني يارب قوة أدوس بها علي غيري . أعطنى باستمرار أن أكون مظلوماً . ومصلوباً لا صالباً ، ومغلوباً . لأنك حينئذ ستكون معي . لا تعطني أن أكون منتصراً علي الناس ، بل أكون منتصراً علي نفسى ، أمامك . فليخف كل واحد من القوة والعظمة والجبروت ، فأن لرب الجنود يوماً علي كل متعظم وعال ، وعلي كل مرتفع فيوضع ...

      

    أمامنا مثال هو سنحاريب ملك أشور .

    لقد اعتز جداً ، وأرسل يهدد حزقيا ملك يهوذا بكل كبرياء . فماذا يفعل حزقيا أمام جيش عظيم جداً ، وأرسل تهديد سنحاريب . شعر حزقيا بضعفه ، فمزق ثيابه ، وتغطى بمسح ، ودخل بيت الرب ... وصلي إليه قائلاً : افتح يارب عينيك وانظر ، واسمع كلام سنحاريب .. والآن يارب خلصنا من يده ( 2مل19 : 1 – 19 ) . وأرسل حزقيا رسلاً إلى أشعياء نبي الرب . وشعور حزقيا يقول : ارحمني يارب فإني ضعيف ... فكانت كلمة أشعياء النبي إلى سنحاريب : من عيرت ؟ وعلي من جدفت وعليت صوتاً ؟! وقد رفعت إلى العلاء عينيك علي قدوس إسرائيل !! " ( 2مل19 : 22 ) ... " وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفاً . ولما بكروا صباحاً إذا هم جثث هامده ( 2مل19 : 35 ) . وبعد عودة سنحاريب إلى نينوي ، ضربه ابناه بالسيف فمات .

      

    كل هؤلاء الضعفاء وقفوا أمام الله ، يتغنون بقول المزمور :

    " جميع عظامي تقول يارب من مثلك ؟ المنقذ ؟ المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه ، والفقير والبائس من سالبه " ( مز35 : 10 ) .

    ذلك لأن كلاً من المسكين والفقير والبائس ، يقول من أعماقه : ارحمني يارب ، فإنى ضعيف " . أما الأقوياء فإنهم مساكين .

    حتى الخطية لا تمسك إلا الأقوياء .

    وهكذا يقول عنها الكتاب " إنها طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء " ( أم7 : 26 )

    من أمثال هؤلاء الأقوياء : الذي لا يحترس من الخطية ، ويقول : ليس لمثلي هذه الخطايا . إنها بسيطة ، تحارب المبتدئين ! أما الضعيف فيحترس منها ويقول : ارحمنى يارب فإني ضعيف . هذا هو الذي يخلص ...

      

    هناك عبارة كتبتها مرة في مذاكرتي وهي :

    قال الشيطان لله : أترك لي الأقوياء ، فإنني كفيل بهم . أما الضعفاء فإنني أخافهم . لأنهم إذ يشعرون بضعفهم ، يحاربونني بقوتك أنت ، فيقدرون علي .

    الضعيف الذى يصرخ لك قائلاً في كل حين : ارحمني يارب فأنى ضعيف ... فهذا لا أقدر عليه . لأنه كلما يصرخ تأتى أنت وتقف بجانبه ، وتحارب عنه ، فلا أقدر عليه .

      

    داود كان دائماً يصرخ إلى الرب ليحمية من الأقوياء .

    فيقول " يارب باسمك خلصني ، فإن الأقوياء قاموا علي ، والأعزاء طلبوا نفسى " ( مز54 : 1 ، 2 ) وأنا ليس أمامي إلا أن أقول : " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .. ذلك لأن الرب أقوى من جميع الأقوياء .

    الله ضد الأقوياء المعتزين بقوتهم ، أو الشاعرين بقوتهم ، أو المعتمدين علي قوتهم .

      

    انظروا ماذا يقول الرب فى سفر عاموس : " وأنا قد أبدت من أمامهم الأموري ، الذى قامته مثل قامة الأرز . وهو قوى كالبلوط . أبدت ثمرة من فوق ، وأصوله من تحت " ( عا2 : 9 ) .

    من غير المعقول ، أن يبحث الله عن المساكين ليبيدهم ، بل يبيد أولئك المرتفعين بقامتهم إلى السماء . عند بناء الهيكل ، كان زر بابل محتاجاً إلى معونة الله . لذلك وصلت إليه المعونة الإلهية في سفر زكريا النبي تقول :

    " لا بالقدرة ولا بالقوة ، بل بروحي قال رب الجنود " .

    " من أنت أيها الجبل العظيم ؟! أمام زر بابل تصير سهلاً " ( زك4 : 6 ) .

    من هنا تأتي القوة للإنسان الضعيف ، من عند رب الجنود . وهكذا يقول أيوب الصديق للرب " كيف أعنت من لا قوة له ، وخلصت ذراعاً لا عزلها " ( أي26 : 1 ) .

      

    في صلواتك أيها الابن المبارك ، ينما تصل إلى عبارة " ارحمني يارب فأنى ضعيف " .

    ادخل إلى داخل نفسك ، وحطم أصنامك المنصوبة في هيكل ذاتك .

    وأول صنم تحطمه ، هو ذاتك الكبيرة الضخمة القوية في عينيك ، الجميلة في عينيك ، التي تستطيع أن تقتدر ، وتستطيع أن تعمل وأنت تنفذ ، وتستطيع أن تضرب وتعتدي .. حطم ذاتك حطمها ... وحينما تتحول ذاتك إلى تراب ورماد ، حينئذ يقف الله إلى جوارك .

    وحينما يقف الله إلى جوارك ، أهمس في أذنيه بهذه الأنشودة الجميلة " ارحمني يارب فأني ضعيف " .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 17:47