عقيدة الثالوث ليست مقتبسة من الوثنية
يقول البعض، إما عن عدم درس وفهم أو عن سوء نية بغرض التضليل، يقولون أن
عقيدة الثالوث كانت موجودة عند الوثنيين في الهند، وكانوا يطلقون على
إلههم المثلث: براهما، وفشنو، وسيفا ويقولون أن البوذيين كانوا يعتقدون أن
بوذا ذو ثلاثة أقانيم: الأول والوسط والآخر. وأن قدماء المصريين كانوا
يعتقدون بآلهة ثلاثية: الأولى أمون، وكونس، وموت. والثانية: أوزيريس،
وايزيس، وحورس. والثالثة: خنوم، وساتيت، وعنقت. وأن الأول من كل مجموعة هو
الآب والثاني هو الابن والثالث هو الروح القدس كما هو الحال عند
المسيحيين. ويقولون أن البابليين والفرس والصينيين كانوا يعتنقون مثل هذه
العقيدة.
والواقع أن كل هذه الأقوال هراء في هراء وليس لها أي نصيب من الصحة. وهي
تقال لتضليل غير الدارسين. ولكن بالدرس الدقيق لتلك الديانات يتضح أن
براهما وفشنو وسيفا عند الهنود ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً. أما
بوذا فكان رجلاً عادياً عاش في الهند حوالي سنة 500 قبل الميلاد وكانت له
تعاليم معينة. أما آلهة المصريين فهي لا تنص على أن كل مجموعة من آلهتهم
إله واحد بل ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً فكانوا يمثلون أمون برجل
وكونس (أوخنسو) بالقمر، وموت بأنثى النسر. وأوزيريس برجل، وايزيس بامرأة،
وحورس بالصقر، وخنوم بالكبش، وساتيت بامرأة هي زوجته الأولى، وعنقت زوجته
الثانية. ولا مجال هنا للكلام عن الأوثان الأخرى عند البابليين والفرس
وغيرهم.
فأي افتراء متعمد بجهل تتضمنه أقوال أولئك المعترضين! ويكفى هنا أن نثبت
بطلان هذه الأقوال من الوجهة التاريخية باقتباس أقوال الأستاذ عباس محمود
العقـاد في كتـاب "الله" صفحات 149إلى 154 ونلخصها فيما يلي: "فكرة الله
في المسيحية لا تشبهها فكرة أخرى من ديانات ذلك العصر الكتابية أو غير
الكتابية. وروح المسيحية في إدراك فكرة الله هي روح متناسقة تشف عن جوهر
واحد، ولا يشبهه إدراك فكرة الله في عبادة من العبادات الوثنية. فالإيمان
بالله على تلك الصفة فتح جديد لرسالة السيد المسيح لم يسبقه إليها في
اجتماع مقوماتها برسول من الكتابيين ولا غير الكتابيين. ولم تكن أجزاء
مقتبسة من هنا أو هناك، بل كانت كلاماً متجانساً من وحي واحد وطبيعة
واحدة".
تميز الأقانيم
أقانيم اللاهوت الثلاثة متحدون في الجوهر واللاهوت، ولكل أقنوم كامل صفات
اللاهوت، أي أزلي وأبدي وغير محدود كلي القدرة والعلم والسلطان والقداسة.
ولكن الأقانيم متميـزون، أي أن لكل أقنوم بعـض أعمال خاصة لا نستطيـع أن
ننسبها إلى الأقنومين الآخرين. فهناك تميز واتحاد ولكن ليس هناك امتزاج أي
لا نستطيع أن نقول أن الابن هو الآب ولا الآب هو الابن، مع أن الابن والآب
واحد.
وواضح جداً من الكتاب أن أقنوم الابن هو الذي جاء إلى العالم متجسداً
مرسلاً من الآب ليتم عمل الفداء بموته الكفاري على الصليب، فمكتوب "فِي
هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ
أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً
لِخَطَايَانَا"(1يوحنا4: 10). و "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ
الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ
مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ" (يوحنا 3:
16). "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ
مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غلاطية 4: 4). والابن يقول "خَرَجْـتُ مِنْ
عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إلى الْعَالَمِ وَأيضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ
وَأَذْهَبُ إلى الآبِ" (يوحنا 16: 28). فالآب هو الذي أرسل الابن، وهو
الذي بذله لأجلنا وهو الذي قدمه كفارة عن خطايانا. والابن هو الذي خرج من
عند الآب، وهـو الذي جاء إلى هذا العالـم مولودا من عذراء، وهو الذي مات
على الصليب حاملا قصاص خطايانا. ولا نستطيع أن ننسب إلى الابن ما اختص به
الآب. ولا ننسب إلى الآب ما اختص به الابن فنقول مثلاً أن الآب تجسد وأتى
إلى العالم مولوداً ومات على الصليب. هذا خطأ محض لأن الذي تجسد هو أقنوم
الابن فقط. ولا يجوز أن نقع في هذا الخلط في الكلام أو في الصلاة، ولو عن
طريق السهو.
والروح القدس جاء إلى العالم في يوم الخمسين مرسلاً من الآب والابن، جاء
بلاهوته غير متجسد ليشهد للابن وليسكن في جميع المؤمنين بعد أن ولدهم
ولادة ثانية في كل الأجيال وفي كل مكان في العالم وهذا دليل على لاهوته
غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان.
ومن اختصاص الابن أيضاً أن يدين الأشرار، الأحياء والأموات لأنه هو الذي
أكمل الفداء على الصليب. ومما يبين هذا التميز بوضوح قول الوحي "الآب لا
يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرم الجمـيع الابن كما
يكرمـون الآب"(يوحنا 5: 22).
ومن سخف القول أن هذا التميز يعني انقساماً أو تجزيئاً في اللاهوت وسبق أن
أوضحنا الرد على هذا الاعتراض لأن اللاهوت واحد غير محدود لا يدرك ولا
ينقسم لأنه لا تركيب فيه. ولكن التميز هو في الأقانيم أو تعينات الله
المتحدة في الجوهر بغير انقسام أو امتزاج.
ومن سخف القول أيضاً أنه إذا كان الله قد تجسد ونزل من السماء إلى هذا
العالم فهل كانت السماء خالية في مدة التجسد؟ ومن الذي كان يدير الكون في
تلك المدة؟ والخطأ كله يرجع إلى تطبيق ما للكائنات المحدودة التي تقع تحت
حِسِّنا وبصرنا على الله غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان من
الأزل وإلى الأبد، وبتطبيق أقيسة المحدود على الله غير المحدود.
يقول البعض، إما عن عدم درس وفهم أو عن سوء نية بغرض التضليل، يقولون أن
عقيدة الثالوث كانت موجودة عند الوثنيين في الهند، وكانوا يطلقون على
إلههم المثلث: براهما، وفشنو، وسيفا ويقولون أن البوذيين كانوا يعتقدون أن
بوذا ذو ثلاثة أقانيم: الأول والوسط والآخر. وأن قدماء المصريين كانوا
يعتقدون بآلهة ثلاثية: الأولى أمون، وكونس، وموت. والثانية: أوزيريس،
وايزيس، وحورس. والثالثة: خنوم، وساتيت، وعنقت. وأن الأول من كل مجموعة هو
الآب والثاني هو الابن والثالث هو الروح القدس كما هو الحال عند
المسيحيين. ويقولون أن البابليين والفرس والصينيين كانوا يعتنقون مثل هذه
العقيدة.
والواقع أن كل هذه الأقوال هراء في هراء وليس لها أي نصيب من الصحة. وهي
تقال لتضليل غير الدارسين. ولكن بالدرس الدقيق لتلك الديانات يتضح أن
براهما وفشنو وسيفا عند الهنود ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً. أما
بوذا فكان رجلاً عادياً عاش في الهند حوالي سنة 500 قبل الميلاد وكانت له
تعاليم معينة. أما آلهة المصريين فهي لا تنص على أن كل مجموعة من آلهتهم
إله واحد بل ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً فكانوا يمثلون أمون برجل
وكونس (أوخنسو) بالقمر، وموت بأنثى النسر. وأوزيريس برجل، وايزيس بامرأة،
وحورس بالصقر، وخنوم بالكبش، وساتيت بامرأة هي زوجته الأولى، وعنقت زوجته
الثانية. ولا مجال هنا للكلام عن الأوثان الأخرى عند البابليين والفرس
وغيرهم.
فأي افتراء متعمد بجهل تتضمنه أقوال أولئك المعترضين! ويكفى هنا أن نثبت
بطلان هذه الأقوال من الوجهة التاريخية باقتباس أقوال الأستاذ عباس محمود
العقـاد في كتـاب "الله" صفحات 149إلى 154 ونلخصها فيما يلي: "فكرة الله
في المسيحية لا تشبهها فكرة أخرى من ديانات ذلك العصر الكتابية أو غير
الكتابية. وروح المسيحية في إدراك فكرة الله هي روح متناسقة تشف عن جوهر
واحد، ولا يشبهه إدراك فكرة الله في عبادة من العبادات الوثنية. فالإيمان
بالله على تلك الصفة فتح جديد لرسالة السيد المسيح لم يسبقه إليها في
اجتماع مقوماتها برسول من الكتابيين ولا غير الكتابيين. ولم تكن أجزاء
مقتبسة من هنا أو هناك، بل كانت كلاماً متجانساً من وحي واحد وطبيعة
واحدة".
تميز الأقانيم
أقانيم اللاهوت الثلاثة متحدون في الجوهر واللاهوت، ولكل أقنوم كامل صفات
اللاهوت، أي أزلي وأبدي وغير محدود كلي القدرة والعلم والسلطان والقداسة.
ولكن الأقانيم متميـزون، أي أن لكل أقنوم بعـض أعمال خاصة لا نستطيـع أن
ننسبها إلى الأقنومين الآخرين. فهناك تميز واتحاد ولكن ليس هناك امتزاج أي
لا نستطيع أن نقول أن الابن هو الآب ولا الآب هو الابن، مع أن الابن والآب
واحد.
وواضح جداً من الكتاب أن أقنوم الابن هو الذي جاء إلى العالم متجسداً
مرسلاً من الآب ليتم عمل الفداء بموته الكفاري على الصليب، فمكتوب "فِي
هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ
أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً
لِخَطَايَانَا"(1يوحنا4: 10). و "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ
الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ
مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ" (يوحنا 3:
16). "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ
مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غلاطية 4: 4). والابن يقول "خَرَجْـتُ مِنْ
عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إلى الْعَالَمِ وَأيضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ
وَأَذْهَبُ إلى الآبِ" (يوحنا 16: 28). فالآب هو الذي أرسل الابن، وهو
الذي بذله لأجلنا وهو الذي قدمه كفارة عن خطايانا. والابن هو الذي خرج من
عند الآب، وهـو الذي جاء إلى هذا العالـم مولودا من عذراء، وهو الذي مات
على الصليب حاملا قصاص خطايانا. ولا نستطيع أن ننسب إلى الابن ما اختص به
الآب. ولا ننسب إلى الآب ما اختص به الابن فنقول مثلاً أن الآب تجسد وأتى
إلى العالم مولوداً ومات على الصليب. هذا خطأ محض لأن الذي تجسد هو أقنوم
الابن فقط. ولا يجوز أن نقع في هذا الخلط في الكلام أو في الصلاة، ولو عن
طريق السهو.
والروح القدس جاء إلى العالم في يوم الخمسين مرسلاً من الآب والابن، جاء
بلاهوته غير متجسد ليشهد للابن وليسكن في جميع المؤمنين بعد أن ولدهم
ولادة ثانية في كل الأجيال وفي كل مكان في العالم وهذا دليل على لاهوته
غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان.
ومن اختصاص الابن أيضاً أن يدين الأشرار، الأحياء والأموات لأنه هو الذي
أكمل الفداء على الصليب. ومما يبين هذا التميز بوضوح قول الوحي "الآب لا
يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرم الجمـيع الابن كما
يكرمـون الآب"(يوحنا 5: 22).
ومن سخف القول أن هذا التميز يعني انقساماً أو تجزيئاً في اللاهوت وسبق أن
أوضحنا الرد على هذا الاعتراض لأن اللاهوت واحد غير محدود لا يدرك ولا
ينقسم لأنه لا تركيب فيه. ولكن التميز هو في الأقانيم أو تعينات الله
المتحدة في الجوهر بغير انقسام أو امتزاج.
ومن سخف القول أيضاً أنه إذا كان الله قد تجسد ونزل من السماء إلى هذا
العالم فهل كانت السماء خالية في مدة التجسد؟ ومن الذي كان يدير الكون في
تلك المدة؟ والخطأ كله يرجع إلى تطبيق ما للكائنات المحدودة التي تقع تحت
حِسِّنا وبصرنا على الله غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان من
الأزل وإلى الأبد، وبتطبيق أقيسة المحدود على الله غير المحدود.