منتديات ابن الراعى

الثالوث الأقدس Urlhtt10


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ابن الراعى

الثالوث الأقدس Urlhtt10

منتديات ابن الراعى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    الثالوث الأقدس

    ابن الراعى
    ابن الراعى
    أفتخر بمسيحى
    أفتخر بمسيحى


    عدد المساهمات : 190
    نقاط : 54136
    تاريخ التسجيل : 16/03/2010
    الموقع : منتديات ابن الراعى

    الثالوث الأقدس Empty الثالوث الأقدس

    مُساهمة من طرف ابن الراعى الثلاثاء 15 مارس 2011 - 6:17

    الثالوث الأقدس

    مما تقدم نرى أن الله أعلن ذاته في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد،
    إلهاً واحداً لا نظير له ولا شريك في ثلاثة أقانيم: الآب والابن والروح
    القدس. الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، لا ثلاثة
    آلهة بل إله واحد، ذات واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد. ولكن ثلاثة أقانيم
    متحدون بغير امتزاج ومتميزون بغير انفصال. وكل أقنوم أزلي، أبدي، غير
    محـدود، لا يتحيز بمكان أو زمان، كلي العلم، كلي القدرة، كلي السلطان، لأن
    الأقانيم ذات واحدة.



    وكلمة "أقانيم" كلمة سريانية، وهي الوحيدة في كل لغات العالم التي تستطيع
    أن تعطي هذا المعنى، أي تميز مع عدم الانفصال أو الاستقلال. لأنه بما أن
    الله لا شبيه له بين كل الكائنات، وبما أن لغات البشر إنما تصف الكائنات
    المحدودة، فلا توجد فيها كلمة تعطينا وصفاً للذات الإلهية بحسب الإعلان
    الإلهي. وبهذه المناسبة أقول أنه لا يجوز بالمرة تشبيه الله الواحد من جهة
    أقانيمه الثلاثة بتشبيهات من الكائنات كالشمس وغيرها لأن كل الكائنات
    محدودة ومركبة، والله غير محـدود ولا تركيب فيه وقد استعمـلت بعض اللغات
    كالإنجليـزية كلمـة "شخص" للتعبير عن الأقنــوم ولكن كل شخص كائن مركب
    والله لا تركيــب فيه، والأشخاص المتميزون منفصلون، ومهما تماثلوا لا يمكن
    أن يتعادلوا تماماً أو يتّحدوا. أما كلمة أقانيم فتعني شخصيات متميزة،
    ولكن متحدة (بغير امتزاج) وهم ذات واحدة. وربما تكون أقرب كلمة عربية
    لمدلول الأقانيم هي كلمة "تعينات".


    هل هذا معقول؟

    تبدو هذه الحقيقة معقدة فعلاً وصعبة الاستيعاب، ولكن أليس هذا دليلاً
    واضحاً على صحتها وعلى أن الله نفسه هو الذي أعلن ذاته بها؟ لأن الإنسان
    إذا أراد أن يزيف إيماناً أو يصنعه فإنما يصنعه وفق الفطـرة البشرية وفي
    مستوى العقـل ليسهـل قبـوله واستيعابه. أما إذا كان الأمر خاصاً بحقيقة
    الله غير المحدود فلا بد أن يكون الإعلان كبيراً فوق الفهم الطبيعي، وأسمى
    من العقل ولكن لا يتعارض معه، ليكون المجال لقبول الإعلان الإلهي، للإيمان
    ولنور الله في القلب كما يقول الكتاب المقدس أن "الإنسان الطَّبِيعِيَّ
    لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ
    يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ (أي في ما
    لروح الله) رُوحِيّاً"(1كورنثوس 2: 14).



    فالإيمان بإعلان الله عن ذاته ثالوثاً، وإن كان يبدو صعباً، ولكنه معقول،
    بل هو المعقول لأننا سبق أن رأينا أن الوحدانية المطلقة لا تليق بالله
    لأنها تقتضي تنـزيهه عن الصفات والعلاقات. ولكن بما أن الله ذات فهو يتصف
    بصفات وله علاقات. ولكن بما أنه وحده الأزلي فلم يكن غيره في الأزل ليمارس
    معه الصفات والعلاقات. وبناء عليه تكون صفاته وعلاقاته عاطلة في الأزل ثم
    صارت عاملة بعد خلق الكائنات، وحاشا أن يكون الأمر كذلك لأن الله منـزه عن
    التغير، وهو مكتف بذاته، مستغن عن مخلوقاته. إذن لابد أن الله كان يمارس
    علاقاته وصفاته في الأزل مع ذاته لأن لا شريك له تركيب فيه. ولا بد في هذه
    الحالة من الاعتراف بأن وحدانيته جامعة، أي جامعة لتعينات الذات الواحدة،
    لأن من لا تعين له لا وجود له.



    ولا تناقص بين الوحدانية والتعينات لأن الله واحد في جوهره وجامع في
    تعيناته، لأنه يمارس صفاته وعلاقاته مع ذاته بالفعل منذ الأزل، مع تعيناته
    وليس مع صفاته لأن الصفات معان، وليست تعينات عاقلة يمكن التعامل معها.
    فلا يقال مثلاً أن الله كان في الأزل يكلم صفاته ويسمعها ويبصرها ويحبها،
    أو أن صفاته كانت تكلمه وتبصره وتحبه ولكن نقرأ في الكتاب المقدس أن الابن
    يحب الآب، والآب يحب الابن قبل إنشاء العالم، والروح القدس هو "روح
    المحبة". وكانت هناك مشورة في الأزل بين الأقانيم الثلاثة.



    ولابد من الإقرار بتعينات الله وإلا جعلناه جوهراً غامضاً لا يمكن الاتصال
    به أو معرفة شيء عنه بينما يتفق الجميع على أنه تكلم مع موسى ومع إبراهيم
    وأظهر ذاته للأنبياء. ووجود التعينات في الله لا يمس وحدانيته كما قلنا
    لأن التعينات هم ذات الله وليسوا أجزاء من ذاته، حاشا. بل ذات واحدة، جوهر
    واحد، لاهوت واحد.



    لاشك أن هذه الحقيقة فوق الإدراك البشرى لأنه لا شبيه لهذه الوحدانية في
    الكائنات المنظورة ولكن هذه الحقيقة لا تتعارض مع العقل بل هي معقولة. وقد
    شهد بمعقوليتها كثيرون من الفلاسفة الموحدين الذين تعمقوا في البحث.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 18:24