الرسول الأنجيلى رئيس أساقفة المدينة العظمى الأسكندرية ( الأول)
يطلق
الأقباط على مرقس رسول الرب يسوع إلى أرض مصر اسم "بى تيئوريموس ماركوس" أى بمعنى
"رائى الإله "
يقول أبن المقفع فى تاريخ البطاركة : " كان
أخوين ساكنبن فى مدينة أسمها كيرنابوليس من أعمال الخمس مدن الغربية ( غرب مصر /
ليبيا الان ) أسم الأكبر أرسطوبولس وأسم أخيه الصغير برنابس , وكانا فلاحين لهما
حقل يزرعام ويحصدان , وكان لهما أواسى ( حقول ) ولم تكن أعمال العالم تلهيهم عن
محبة الرب فقد كانا عارفين بناموس موسى معرفة جيدة , كما حفظا كثيراً من كتب
العتيقة ( العهد القديم لأنهما كانا يهوديين) .
وحدث أن هاجمت قبائل البربر والحبش أراضيهما ونهبوا ما كان لهما فى زمان أوغسطس
قيصر روما ولأجل فقدهما ما يمتلكان ونهبت مدخراتهما وما لاقوا من بلايا رحلا من تلك
البلدة ونجوا بأنفسهم وهربوا إلى اليهودية
وكان للأخ الكبير أرسطوبولوس أبناً يسمى
يوحنا , فلما سكنوا أحدى بلاد اليهودية بالقرب من مدينة أورشليم ونمى يوحنا وكبر ,
وكان لهذين ألأخوين أبنة عم هى زوجة سمعان بطرس الذى كان أكبر تلاميذ السيد المسيح
سناً ,
وعندما أختار السيد المسيح سبعين رسولاً ليرسلهم
إلى العالم ليبشروا بملكوت السموات كان بينهم مرقس ..
وأطلقوا على يوحنا أسم مرقس
ومرقس له أسمان أسماً يهودياً هو يوحنا والأسم ألاخر مرقس وهو أسم يونانى .. ولهذا
وصل إلى مصر ليبشر مصر برسالة الخلاص .
, وكان يأوى عند بطرس ويتعلم هناك
الكتب المقدسة
ولهذا يمكن القول أن مرقس (يوحنا)
رسول السيد المسيح إلى ارض مصر ولد من ابويين يهوديين الأصل أستوطنا بلدة تسمى
أبريانولوس فى شمال أفريقيا تقع بين مصر وطرابلس , حيث كانت توجد جاليات يهودية
كبيرة فى مصر وفى ليبيا , وكانت ليبيا بها قبائل من البدو دائمة السطو على مدن شمال
أفريقيا فقد سطت على أبريانولوس وفقد أرسطو بولس ثروته كلها ونهبت أمواله وأمتعته
فأصاب والى مرقس الفقر والعوز فأضطرا إلى الهجرة إلى اليهودية وسكنا بالقرب من
أورشليم .
وكان مرقس قريب لبطرس تلميذ السيد المسيح وكان بطرس
الرسول يدعوه دائما أبنه , وآمن مرقس بالمسيحية , وفى أحدى رحلاته مع والده الذى لم
يؤمن بالمسيح بعد قابلهما اسد ولبؤة يزأران بصوت مخيف , فقال أبوه أنا رجل شيخ
وأيامى فى الحياة قليلة دعنى أقدم نفسى عنك وأهرب انت , فقال الرسول مرقس لأبيه : "
لا تخف يا أبى المسيح الذى أؤمن به ينجينا من كل شدة " ولكن تقدم مرقس وصلى بأيمان
لكى ينقذه السيد المسيح ولما أقترب منه الأسد صاح مرقس الرسول بصوت عظيم قائلاً : "
السيد يسوع المسيح أبن الإله الحى يأمركما أن تنشقا وينقطع نسلكما من هذا الجيل ,
ولا يكن لكما فيه ولد إلى الأبد فإنشقا الأسد واللبؤة للوقت والساعة من وسطهما " فأنطرح الأسدان على الأرض
وماتا فى اللحظة التى أنتهى فيها مرقس من كلامه فلما رأى أبيه أرسطوبولس هذه
الأعجوبة العظيمة التى كانت بقوة من ناداه بالكلمات التى نطق بها مرقس أبنه للمسيح
الذى لا يغلب قال أبوسطولوس لأبنه : " أنا أبيك الذى خلفتك يا مرقص , وأنت اليوم
تصير أبى ( يقصد أبيه الروحى) ونجيتنى أنا وأخى , أطلب منك أن تجعلنا عبيد للرب
يسوع المسيح الذى تبشر به ومنذ ذلك الوقت تعلم أبى الرسول مرقس وعمه تعاليم الرب
يسوع من فمه الطاهر
ولهذا صور
المصورون والفنانون صورة مار مرقص وبجانبة أسداً ورمز إلي مرقس وانجيلة برمز الأسد
لأن أنجيلة كتب كأن السيد المسيح ملك ومرسل امامه يوحنا المعمدان الصوت الصارخ فى
البرية .
وكان مرقس من بيت بركة لأن أمه هى أخت برنابا
الرسول .
الوثنيون يشركون إلاه القمر بشجرة :
وذكر أبن المقفع فى تاريخ البطاركة ج1 ص 2 : وكان فى تلك البلاد بلد تسى أزدود بها شجرة زيتون كبيرة جداً وكان الناس يتعجبون من
عظمة هذه الشجرة وقدمها فصار الناس يتعبدون لهذه الشجرة , فرأى مرقس الرسول صلاتهم
فقال لهم : " هذه الزيتونة تأكلون ثمرها وتوقدون أغصانها فى النار ثم تسجدون لها
كإله , فماذا تصنع هذه الشجرة بكلمة الرب الذى أعبده فآمر هذه الشجرة أن تسقط إلى
الأرض بلا حديد يدنوا منها " .. فقالوا له : " نحن نعلم أنك تعمل سحر الجليلى (
يقصدون السيد المسيح له المجد) ومهما أردته فعلته , أما نحن فسندعو إلهنا القمر
الذى أقام لنا هذه الشجرة الزيتون نصلى لها " .. فأجاب القديس مرقس وقال لهم : "
أنا أطرحها (أسقطها) على الأرض فإن أقامها إلهكم فأنا أعبده معكم " .. فرضوا
بهذا القول منه ( فوافقوه على شروطه ) , فقال أبعدوا جميع الناس عنها وقالوا : "
أنظروا (أبحثوا) لئلا يكون أنسان مختفياً فيها " .. حينئذ رفع القديس مرقس عينية
إلى السماء متجها إلى المشرق وفتح فاه وصلى قائلاً : ياسيدى يسوع المسيح أبن الإله
الحى أسمع عبدك وأمر القمر الذى هو خادم ثانى لهذا العالم الذى يضئ فى الليل بأمرك
وسلطانك , أن يظهر صوته على هؤلاء الذين ليس لهم إله ويعرفهم من خلقه وخلق جميع
الخليقة ومن هو الإله حتى يعبدوه , وأنا أعلم ياربى وإلهى أنه ليس له صوت ولا نطق
ولا جرت عادته أن يكلم أحداً لكى يسمع منه كلاماً فى هذه الساعة بقوتك التى لا
تقاوم ليعرف هؤلاء الذين ليس لهم إله أنه ليس إلهاً لكنه خادم تحت سلطانك وأنت إلهه
, وهذه الشجرة التى يصلون إليها تقع على الأرض , ليعرف الكل ربوبيتك أنه لا يوجد
إله إلا أنت والآب الصالح والروح القدس المحى إلى الأبد آمين "
وفى تلك الساعة بعد إتمام صلاته حدثت ظلمة شديده
على الأرض وكان الوقت نصف النها , وظهر لهم القمر مضيئاً فى السماء , وسمعوا صوتاً
من القمر قائلاً : " أيها الناس القليلوا الإيمان , لست أنا الإله فتعبدونى , بل
أنا عبد الإله ومما خلقه , وأنا خادم المسيح ربى الذى يبشر به مرقس تلميذه , فهو
وحده الذى نعبده ونخدمه " وبعد هذا سقطت شجرة الزيتون , وصار خوف عظيم على كل من
شاهد هذه الأعجوبة .
أما القوم الذين كانوا يخدمون الشجرة (يسترزقون
منها ) والذين يسجدون لها مسكوا القديس مرقس وضربوه وسلموه لليهود المخالفين ,
فسجنوه , وفى تلك الليلة رأى القديس مرقس فى نومه السيد المسيح يقول لبطرس : " أنا
أخرج كل من هو معتقل " فلما أنتبه من نومه ( أستيقظ) راى ابواب السجن مفتوحه , فخرج
هو وكل من كان فى السجن , وكان حفظة السجن (الحراس) نياماً كالأموات .
أما الجموع الذين شاهدوا المعجزة (عندما رأوهم
أحراراً ) قالوا : " ليس لنا عمل (قوة) أمام هؤلاء الجليليين , لأنهم يفعلون هذه
الأفعال ببعلزبول رئيس الشياطين .
وكان مرقس من السبعين
تلميذاً (رسولاً) , وكان هو من ضمن الخدام الذين حملوا جرار الماء وصبوه فى جرار
الخمر الذى صيره سيدنا الرب يسوع خمراً فى عرس قانا الجليل . وهو أيضاً الذى حمل
جرة الماء فى بيت سمعان القريانى فى وقت العشاء السرى.
وكان مرقس يأوى التلاميذ
فى منزله فى وقت ألآم السيد المسيح ومن بعد قيامته من الأموات حيث دخل عليهم الرب
والأبواب مغلقة , وبعد صعوده إلى السماء , ذهب مرقس مع بطرس إلى أورشليم وبشرا
الجموع بكلام الرب يسوع وظهر الروح القدس لبطرس وأمره أن يمضى إلى المدن والقرى
التى هناك , فذهب بطرس ومعه مرقس إلى بلدة بيت عينيا وبشرا بكلمة الرب , وأقام بطرس
هناك أياماً , فنظر فى المنام ملاك الرب يقول له فى كورتين (بلدتين) غلاء عظيم ,
فقال بطرس للملاك فقال بطرس للملاك : " أى الكور تعنى ؟ " .. قال له :
" الأسكندرية وكورة مصر وكورة رومية , وليس الغلاء من عدم وجود خبز وماء بل هو غلاء
من قلة معرفة كلام الرب الذى تبشر به " .. فلما أستيقظ بطرس من نومه قال لمرقس ما
شاهده فى منامه .
وبعد هذا الحلم ذهب بطرس
ومرقس إلى رومية وبشرا هناك بكلمة الرب , وفى السنة الخامسة عشر من بعد صعود المسيح
أرسل القديس بطرس مار مرقس الأب الأنجيلى إلى مدينة الأسكندرية ليبشر فيها ويكرز
بكلمة الرب وأنجيل السيد يسوع المسيح الذى له ينبغى المجد والكرامة والسجود للآب
والروح القدس الإله الواحد إلى الأبد آمين .
(1) مار مرقس الرسول البطريرك الأول فى مصر[ 55م ـ 68م ]
1- مرقس الرسول هو بن أخـت برنـابا الرسول.
2- ويعتبر مرقس الرسول من السبعين رسولا.
3- فى بيت مرقس الرسول كان الفصح.
4- خرج مع بولـس وبرنـابا للتبشير ثم رجـع (أع13:13 )
5- في الرحـلة الثانية خرج مرقس الرسول مع برنابا إلى قبرص.
6- جاء إلى مصر سنة 55م وكرز فيها.
7- رسم مرقس الرسول إنيانوس أسقفا.
8 - استشهد سنة 68م.